نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تذكار اليوم الوطني، المملكة مركز عالمي للحضارة الإنسانية, اليوم الاثنين 22 سبتمبر 2025 08:05 مساءً
بعد انتقال الخلافة السياسية من المدينة المنورة إلى الشام ثم العراق ثم غيرها من الحواضر الإسلامية المختلفة تحول معها المركز الحضاري العربي إلى خارج إطار المنبع الأساسي له، وبقيت الجزيرة العربية تنحصر أهميتها ضمن المركز الديني فقط في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهكذا تحولت جغرافيا الجزيرة العربية إلى ما يشبه الهامش الحضاري بالنسبة إلى الدول الاسلامية المتعاقبة في الحواضر المختلفة التي تعاقبت على إدارة الحكم السياسي الإسلامي، فكان من نتائج هذا التحول عودة المجتمع العربي داخل الجزيرة إلى حالة الاقتتال البيني والصراع الدموي بين مكوناته القبلية بصورة لم تلقَ أي اهتمام من قبل تلك المراكز السياسية البعيدة.
إن الناظر المتفحص لتاريخ الجزيرة العربية قبل توحيد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - للمملكة ليندهش من الفارق النوعي التي وصلت إليه المملكة اليوم! إن عودة الشاب الطموح من الكويت إلى الرياض ومعه مجموعة الرجال الأشاوس لاستعادة ملك آبائه وأجداده وخوضه تلك المعارك الصعبة من أجل توحيد المملكة العربية السعودية في غرة الميزان عام 1932م لهي أعظم الإنجازات السياسية في تاريخ العالم الحديث، وسأسلط اليوم مقالي تحديدا عن ثمرة من ثمرات التوحيد وهي عودة المركز الحضاري العربي إلى قلب الجزيرة العربية بعد أن تم اختطافه لعشرات القرون.
كانت هذه المقدمة التاريخية المقتضبة ضرورة للمقارنة مع المعجزة التنموية التي أحدثتها برامج الرؤية الوطنية خلال فترة وجيزة والتي يقودها سمو سيدي ولي العهد، ولأن مساحة المقال لا تكفي لاستعراض كل تلك التحولات النوعية فسأكتفي بسرد بعض تلك الملامح النهضوية النوعية التي جعلت المملكة مركزا حضاريا حول العالم، سأتحدث مثلا عن المكانة الإعلامية الحضارية للمملكة في الخارج، وسأبدأ بتميز المملكة بتجربتها الإغاثية الرائدة عبر مركز الملك سلمان للإغاثة، والذي يصنف اليوم كأنموذج عالمي يحتذى به في تقديم خدمات العمل الإنساني، ولا يفوتنا الحديث عن التجربة السعودية الرائدة في عمليات فصل التوائم الملتصقة التي يقدمها البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة الذي رعى خلال الثلاثين عاما الماضية أكثر من 143 حالة من 26 دولة حول العالم!!
رياضيا، أضحت الرياض اليوم مركزا للمسابقات الرياضية الدولية، حيث تسير المملكة بخطوات غير مسبوقة نحو تطوير قطاع الرياضة، وبكل الإمكانيات التي سخرتها القيادة نجحت المملكة باستضافة الحدث الرياضي الاضخم عالميا، وهو تنظيم واستضافة كأس العالم لكرة القدم 2034م، في خطوة تمثل تتويجا لرؤية السعودية 2030 الطموحة، تأتي هذه الاستضافة لتعكس قدرة المملكة العربية السعودية على تنظيم الأحداث الرياضية الكبرى بمستوى عالمي، مع إبراز هويتها الثقافية وتراثها الغني.
كما أن المملكة تعد اليوم مركزا للسياحة العالمية، إذ تعتمد في منهجيتها على استثمارات ضخمة تتجاوز الـ800 مليار دولار، في مشاريع كبرى مثل نيوم والبحر الأحمر والدرعية وعسير والعلا وغيرها، كما تسعى وزارة السياحة أن تحقق مستهدفها لاستقطاب 150 مليون زائر بحلول 2030م، فبفضل الرؤية الوطنية تم تفعيل المناطق السياحية والتراثية الجاذبة في كل مناطق ومدن المملكة، فأصبح من الطبيعي رؤية السياح الأجانب القادمين من شتى أصقاع العالم لنلمحهم يستمتعون في جبال فيفا الشاهقة بأقصى جنوب المملكة، أو في منتزهات عسير وغابات الباحة، أو نشاهدهم في ربوع العلا وشواطئ البحر الأحمر والخليج العربي.
اقتصاديا، حققت المملكة تطورا عظيما في المجال الاقتصادي عبر صندوق الاستثمارات السعودي الذي يستهدف قبل نهاية العام بلوغ أصوله إلى ما قيمته 1.075 تريليون دولار مع خطط متميزة للوصول بها إلى تريليوني دولار على الأقل بحلول 2030، مع وجود فرصة كبيرة لتجاوز 3 تريليونات دولار، كما نجحت المملكة في تهيئة بيئة تنافسية استثمارية ضخمة داخل السوق السعودي الأمر الذي دعا مئات الشركات العالمية للاتجاه نحو الرياض التي تعد السوق التجاري الأضخم في الشرق الأوسط.
كما نجحت المملكة في تحقيق إنجاز عالمي بتفوقها باستضافة معرض إكسبو الدولي 2030، وقد جاء فوز الرياض بعد نجاح الملف الذي قدمته المملكة تحت شعار (معا نستشرف المستقبل)، حيث تسعى من خلاله إلى تشكيل إطار مترابط لمعالجة التحديات الدولية المشتركة في المجالات الاقتصادية والبيئية والجيوسياسية والاجتماعية والتكنولوجية، مخصصة ميزانية تبلغ 7.2 مليارات دولار، وقد باركت دول العالم للرياض هذا الإنجاز التاريخي مؤكدين ثقتهم المطلقة بقدرات المملكة على احتضان مثل هذه المعارض الدولية.
وفي الختام، المملكة اليوم، تكتب حقبة جديدة من التاريخ الحديث، فالمركز الحضاري في الشرق الأوسط تتحول بوصلته فعليا نحو الرياض، سياسيا واقتصاديا وثقافيا ورياضيا وسياحيا، وفي كل مرة نرى هذه الإنجازات العظيمة نستذكر معها تذكار اليوم الوطني الذي توحدت فيه المملكة العربية السعودية، وفي هذه المناسبة الغالية على قلوبنا نتقدم بخالص التهنئة إلى سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وإلى سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وإلى الشعب السعودي النبيل.
0 تعليق