كيف تعيد السعودية تعريف السياحة المستدامة؟

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كيف تعيد السعودية تعريف السياحة المستدامة؟, اليوم الخميس 25 سبتمبر 2025 04:09 صباحاً

الاستدامة عمل سامٍ يبدأ من داخلنا، وعي يتشكل ويمارس كل يوم. وعندما تتبناها المنظمات بصدق، تتحول من مبادرات متفرقة إلى تجربة متكاملة يلمس أثرها المضيف قبل الضيف. تتبنى المملكة نهجا يجعل الاستدامة شرطا لكل تجربة. النتيجة، سياحة مسؤولة أطالت إقامة الزائر، وحسنت من حياة المقيم، وجعلت من السعودية وجهة رائدة عالميا في صناعة التجارب المستدامة.

ما هي التنمية المستدامة؟
عرفتها الأمم المتحدة عام 1987 بأنها "تنمية تلبي احتياجات الأجيال الحالية دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها". تقوم على موازنة الاقتصاد والمجتمع والبيئة عبر الابتكار والاستهلاك الواعي. وفي المملكة تتجسد هذه الأبعاد في قطاع السياحة الذي يترجم أهداف التنمية المستدامة إلى سياسات ومشاريع عملية واضحة.

الاقتصاد: نمو واسع وقيمة محلية
شهد عام 2024 استقبال 115.9 مليون سائح بإنفاق إجمالي بلغ 284 مليار ريال، ما يؤكد وزن السياحة في الاقتصاد الوطني. ويتعزز هذا النمو ببرامج تمويل مثل صندوق التنمية السياحي الذي يقدم قروضا وضمانات لمختلف المشاريع، وبجهود البلديات وهيئات التطوير التي طرحت أكثر من 11 ألف فرصة استثمارية عبر منصة "فرص" وتعاقدت بمليارات الريالات.

على صعيد المحتوى المحلي، عززت كروز السعودية السياحة البحرية. فيما تبنت مطاعم مثل إرث وتكيا وتري هاوس مفهوم "من المزرعة إلى المائدة". واتسع المسار ليشمل صناعة الأغذية؛ فساديا بدأت لأول مرة منذ 50 عاما تصنيع منتجاتها داخل المملكة بالشراكة مع صندوق الاستثمارات العامة، دعما للأمن الغذائي وسلاسل الإمداد المحلية. كما رفعت الخطوط السعودية المحتوى المحلي إلى 29% في 2024، بزيادة عشر نقاط مئوية (نحو 53%) خلال خمس سنوات. وبحسب مؤشرات الأداء، ارتفعت مساهمة السياحة في الناتج المحلي من 3.8% في 2019 إلى 4.4% في 2024 متجاوزة الهدف المرحلي، على أن تصل إلى 10% بحلول 2030.

التنمية البشرية وتمكين المجتمع
السياحة ليست أرقاما فقط، بل استثمار في الإنسان. فقد ارتفع عدد الموظفين في القطاع إلى قرابة 967 ألف موظف في 2024، بزيادة تقارب 42% خلال أربع سنوات. وأسهمت المواسم الكبرى مثل موسم الرياض في توفير آلاف الوظائف، هذا النمو في الوظائف ينعكس مباشرة على مستوى معيشة الأسر السعودية، ويجعل القطاع من أكبر مولدات الفرص للشباب والشابات.

كما قدمت برامج التمكين الوطنية أكثر من 87 ألف فرصة تدريبية داخل المملكة وخارجها، إلى جانب أكاديميات متخصصة مثل مدرسة الرياض للسياحة والضيافة وأكاديمية فنون الطهي والأكاديمية السعودية للترفيه. وعلى صعيد المساواة، تولت سعوديات مناصب قيادية في إدارة الفنادق والإرشاد السياحي، وبرزت طاهيات سعوديات في مطاعم ومهرجانات كبرى.

البيئة والتراث: طبيعة وهوية تصنع التجربة
عام 2024 شهد إنشاء 149 حديقة جديدة وتطوير واجهات بحرية رفعت نصيب الفرد من الساحات العامة، فيما أنجزت المدينة المنورة مشاريع الأنسنة لضمان تجربة آمنة وممتعة للزوار.

بيئيا، برز مشروع البحر الأحمر بطاقة متجددة وحماية للشعاب المرجانية، وحديقة الملك سلمان كأكبر حديقة حضرية، ومشروع السودة بزراعة مليون شجرة عرعر وسياحة جبلية منخفضة الأثر. أما التراث، فحضر بقوة مع 201 موقع مفتوح للزيارة، إلى جانب إدراج منطقة الفاو في اليونسكو وترميم قصر القشلة وقرية الخبراء. وتقدم الدرعية والعلا نماذج عالمية لدمج التاريخ بالحداثة، بينما يدعم صندوق التنمية الثقافي هذا الحراك عبر تمويل 16 قطاعا ثقافيا من المتاحف إلى فنون الطهي.

ختاما، سياحة السعودية لا تكتفي بجذب الزوار، بل تصنع الأثر: اقتصاد متنوع، مجتمع مزدهر، وبيئة مصونة، لتكون المملكة نموذجا عالميا للسياحة المستدامة.

أخبار ذات صلة

0 تعليق