نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إدمان الشاشات وتأثيره على الأطفال: رؤية جديدة, اليوم الخميس 3 يوليو 2025 01:19 صباحاً
في عصر تكنولوجيا المعلومات والهواتف الذكية، أصبح من الطبيعي أن نجد الأطفال الصغار يحملون أجهزتهم في أيديهم، متصلين بشبكات التواصل، يلعبون الألعاب الالكترونية، أو يشاهدون الفيديوهات. كانت التوصيات التربوية حتى وقت قريب تركز على تحديد وقت استخدام الشاشات كحل أساسي لحماية الأطفال من التأثيرات السلبية. لكن الدراسات الأمريكية الحديثة تغير هذه النظرة، وتكشف أن الأمر أعمق بكثير.
أظهرت دراسة واسعة النطاق في الولايات المتحدة، من مشروع Adolescent Brain Cognitive Development» (ABCD)»، أن حوالي نصف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و10 سنوات يظهرون علامات إدمان سلوكي على الأجهزة الذكية. الإدمان هنا لا يعني فقط طول الوقت أمام الشاشة، بل سلوكيات متكررة تُظهر استخدامًا قهريًا لا يستطيع الطفل التحكم فيه، مثل صعوبة التوقف عن اللعب، السهر لفترات متأخرة رغم التعب، والشعور بالانزعاج والقلق إذا منعوا من استخدام أجهزتهم.
الأبحاث أشارت إلى أن الضرر النفسي الحقيقي لا يرتبط فقط بمدة الاستخدام، وإنما بالسلوكيات المصاحبة لهذا الاستخدام. الأطفال الذين أظهروا أعراض الإدمان كانوا أكثر عرضة للمعاناة من القلق والاكتئاب، بل ووصلت بعض الدراسات إلى وجود ارتباط بأفكار انتحارية، وهو أمر يثير قلق الأخصائيين التربويين والنفسيين على حد سواء.
هذا التحول في الفهم يجعلنا نعيد النظر في الطريقة التي نتعامل بها مع التكنولوجيا داخل بيئة الأسرة والمدرسة. فالتوجيه إلى مجرد تقليل وقت استخدام الأجهزة لم يعد كافياً. بدلاً من ذلك، من المهم مراقبة السلوكيات المصاحبة لاستخدام الأجهزة، مثل الانعزال الاجتماعي، ضعف النوم، والتقلبات المزاجية المفاجئة.
إضافة إلى ذلك، يصبح من الضروري توفير أنشطة بديلة مشوقة تشغل وقت الطفل بشكل إيجابي، كالرياضة، الألعاب التفاعلية، والوقت العائلي المشترك، بحيث يشعر الطفل بالاحتواء والاهتمام دون الحاجة إلى اللجوء المفرط إلى الشاشة.
وفي ضوء هذه الدراسات، يُقترح تبني أساليب تربوية تشبه تدخلات العلاج السلوكي الإدماني، تهدف إلى دعم الطفل في التحكم في استخدامه للأجهزة وليس مجرد تقييده. فالرسالة الأهم التي تحملها هذه الأبحاث هي أن الطفل لا يحتاج إلى «تقييد إضافي»، بل إلى «احتواء وفهم أعمق» لما يبحث عنه من خلال الشاشة.
في النهاية، علينا أن نتذكر أن التكنولوجيا جزء لا يتجزأ من عالم الطفل الحديث، وأن دورنا كأهل ومربين هو أن نرافق هذا التطور بفهم علمي متجدد، ودعم نفسي متواصل، لنساعد أطفالنا على النمو الصحي والسليم في زمن الشاشات.
0 تعليق