نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
شراكة التاريخ ومعاهدة المستقبل, اليوم الاثنين 22 سبتمبر 2025 05:17 صباحاً
غياب، والعودة كانت أحمدَ، بإعلان عودة العلاقات التشاركية الأخوية التاريخية بين الرياض وإسلام آباد وبما هو أكثر وضوحا وجرأة على مستوى الأغراض والمهام والالتزامات.
اتفاقية أتت على أعلى المستويات القيادية بين البلدين، والتي تنص في جوهرها على أن أي اعتداء على أحد البلدين سيعتبر اعتداء على الآخر، ما يضع أساسا عمليا قويما لتحالف أمني يعدل الكفة.
وعلاقات التعاون الأخوية بين البلدين قديمة تأتي بأشكال متعددة، من الدعم الاقتصادي إلى التدريب العسكري ضمن إطار قانوني جامع.
واليوم، جاءت هذه المعاهدة لتمنح تلك العلاقة بعدا مؤسسيا واضحا، يتناسب مع القفزات العظمى في رؤية السعودية، وبما يليق بباكستان كدولة محورية نووية مهمة، وبما يجعلها أقرب إلى التحالفات الدفاعية التقليدية في العالم.
ومن المنظور السعودي، فالاتفاقية سلام وتعاضد وأمن، وليست مجرد مجاملة لدولة صديقة، بل رسالة عالمية قويمة تسعى لتنويع مصادر الأمن، فلا يكتفى بالمظلة الغربية التقليدية، وبما يؤكد أن المملكة بلد خير وسلام تبني لكيانها العظيم شبكة تحالفات إقليمية واسعة وقادرة على حماية أمنها في أوقات الحاجة وسط شرق أوسط ملتهب.
أما من المنظور الباكستاني، فهي فرصة ذهبية لإعادة التوازن الاستراتيجي والاقتصادي وتعزيز موقعها على الخريطة الإسلامية والإقليمية، ومشاركتها في حماية أرض الحرمين مترامية الأطراف، وهي فرصة لتخطي أزماتها الاقتصادية، حيث سيشكل الدعم السعودي رئة مالية وسياسية تضبط المسار.
والسعودية لم تكن الفكرة بعيدة عنها، وقد تمت دراستها وتحديد المدى والالتزام، وتأكيد آلية التنسيق العسكري إذا ما تعرض أحد البلدين لتهديد مباشر؟
والسعودية حريصة على شراكاتها مثلما تحرص على أمنها وتقدمها، وهي واثقة بصنع التوازن الكامل بين هذه المعاهدة وبين التزامات وشراكات أخرى، سواء مع الولايات المتحدة أو دول الجوار مثل الهند وإيران وتركيا، وفي الجانب الآخر من العالم في أوروبا والصين، وعلاقات قويمة مع روسيا، وأخوية مع الدول الخليجية والعربية والصديقة، بخطة بناء «مظلة متعددة»، تصب فوائدها في صالح أمن الوطن، ورفعة شعبه وتقدمه، والتوازن في مقابل أحوال الأنظمة العالمية الجديدة، ومعرفة الطريقة والزمان والمكان المناسبة لحل المعضلات السياسية المتوقعة، في عصر متغير لن يرحم النائمين عن حقوق بلدانهم وشعوبهم.
ومن هنا يتضح أن الاتفاقية السعودية الباكستانية ليست مجرد وثيقة دفاعية، بل هي أيضا رسالة سياسية إلى شعبي البلدين بأن التحالف التاريخي عاد بصورة أكثر رسمية وفاعلية، وإلى العالم بأن موازين القوى في المنطقة لم تعد بريئة كما كانت، وأن السعودية وباكستان اختارتا تعقلا أن تعلنا عن شراكتهما على الملأ في هذا الوقت بالغ الحساسية.
وبقاء الاتفاقية ونجاحها يعتمد على مدى مصداقية الحكومتين بالالتزامات بينهما، مهما ساءت الظروف، وبما لا يسمح بتبدل الرؤى بمجرد مرور الزمن، أو تغير كراسي السلطات.
وهذا ما يجعلنا نتفاءل، ونحيي كل من صنعها، ورعاها مستقبلا.
shaheralnahari@
0 تعليق