نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إعلان قيام الدولة الفلسطينية, اليوم الخميس 25 سبتمبر 2025 11:18 صباحاً
مسألة قيام دولة فلسطينية هي واحدة من أكثر قضايا الشرق الأوسط تعقيدا، لأنها تجمع بين حق قومي، مطالب سياسية، وقضايا قانون دولي ودبلوماسية.
الفلسطينيون أعلنوا دولتهم فعليا أكثر من مرة بصيغ سياسية متنوعة، بينما تباينت استجابة الدول - بين اعتراف واسع وإبقاء الوضع على قواعد تفاوضية - تبعا للاعتبارات الجيوسياسية والإنسانية والأمنية.
أهم خطوة رمزية وقانونية: المجلس الوطني الفلسطيني (الذراع التشريعي لمنظمة التحرير) تبنى إعلان الاستقلال في الجزائر في 1988، وقد قرأه ياسر عرفات واعترف به على نحو سريع من قبل عدد كبير من الدول العربية وغيرها.
الإعلان شكل محاولة لتعزيز الشرعية الدولية للشعب الفلسطيني وموقفه التفاوضي، واعتبر أساسا لمطالب لاحقة بالاعتراف الدولي.
اتفاق أوسلو (1993) لم يعلن دولة فلسطينية مستقلة، لكنه اعتبر نقطة تحول عملية: اعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير كممثل للشعب الفلسطيني، وأنشئت السلطة الفلسطينية (PA) كإطار حكم ذاتي مؤقت في أجزاء من الضفة وغزة.
أوسلو نقل النقاش من إعلان أحادي إلى تفاوض متدرج حول الوضع النهائي (القدس، الحدود، اللاجئون، المستوطنات). هذا التحول جعل إعلان الدولة مرتبطا بعملية تفاوضية غير مكتملة.
بعد فشل المفاوضات في كامب ديفيد / خريف الانتفاضات، اتجهت القيادة الفلسطينية إلى المنصات الدولية: طلبات عضوية للأمم المتحدة، الانضمام إلى معاهدات دولية (مثل روما / المحكمة الجنائية الدولية) واستخدام الاعترافات الثنائية لتعزيز الوضع القانوني.
مثال بارز هو نجاح التقدم للحصول على صفة «دولة مراقب غير عضو» في الجمعية العامة للأمم المتحدة (2012)، خطوة اعتبرت ترقية رمزية مهمة لشرعية دولة فلسطين على المستوى الدولي.
الجهود الفلسطينية لقيام دولة لم تكن موحدة سياسيا. منظمة التحرير (وتاليا السلطة) تتبنى نهجا تفاوضيا دوليا؛ بينما حماس (خصوصا بعد سيطرتها على غزة 2007) تميل إلى نهج مختلف في الهدف والوسائل. هذا الانقسام أضعف القدرة الفلسطينية على تحويل أي إعلان رمزي إلى دولة قائمة فعليا على الأرض موحدة الحكم.
قبل المقارنة، يجب التفريق بين ثلاثة أشياء قانونيا ودبلوماسيا:
الاعتراف الثنائي: دولة تعلن اعترافها بدولة أخرى (أساس العلاقات الدبلوماسية الثنائية).
الاعتراف في الأمم المتحدة / المكانة الدولية: منح صفة «دولة مراقب غير عضو» أو «عضوية كاملة» في الأمم المتحدة (الفرق له تبعات قانونية وإجرائية كبيرة).
الانضمام إلى معاهدات دولية أو مؤسسات قضائية: مثل الانضمام إلى اتفاق روما؛ يتيح سبلا قانونية لمتابعة قضايا انتهاكات قانونية دولية.
الحكومات تختار واحدا أو أكثر من هذه الأدوات وفق مواقفها السياسية، موازين قوى إقليمية ودولية، وضغوط داخلية. (انظر قرار الجمعية العامة 67/19 لعام 2012 بشأن صفة المراقب).
بعد إعلان 1988، سارع عدد كبير من الدول (خاصة في العالم العربي والبلدان غير الغربية آنذاك) بالاعتراف الفوري كإشارة دعم للقضية الفلسطينية. هذا الاعتراف كان في كثير من الأحيان سياسيا ورمزيا، ويستهدف تعزيز موقف منظمة التحرير في الساحة الدولية.
مع أوسلو تراجعت بعض الاعترافات كأولوية عملية أمام العمل التفاوضي، بينما استمرت دول أخرى في الاعتراف الثنائي. ثم جاءت خطوة 2012 في الأمم المتحدة التي منحت فلسطين صفة «دولة مراقب غير عضو»، وهي خطوة وصفت بأنها تعزيز صفة دولة فلسطين في القانون الدولي من دون عضوية كاملة.
في أعقاب أحداث كبرى وتصاعد موجات عنف (خصوصا بعد 7 أكتوبر 2023 وما تلاها من حرب واسعة في غزة)، شهدت الساحة الدولية موجة جديدة من اعترافات عدة دول غربية رئيسية (بمن فيهم بريطانيا، كندا، أستراليا، وفرنسا ومجموعة دول أوروبية صغيرة) بإقامة دولة فلسطينية، قرارات تعبر عن غضب سياسي واهتمام إنساني ومحاولة لإحياء حل الدولتين كإطار. هذه الموجة تؤكد تحولا مهما في الموقف الغربي التقليدي. التقارير الإخبارية في سبتمبر 2025 نقلت هذه التطورات.
الاعتراف الواسع (بوكالة 75–80% من الدول) يعزز شرعية فلسطين في المنتديات الدولية ويقوي موقفها القانوني للانضمام إلى معاهدات ومحاكم دولية (كما حصل مع انضمام فلسطين إلى روما/ICC). ومع ذلك، دون سيطرة فعلية على كامل أراضيها وبقوة مؤسساتية مركزية موحدة، يبقى هذا الاعتراف جزئي الفاعلية في تحويله إلى دولة فعلية قابلة للحكم والسيادة الكاملة.
اعتراف دول غربية كبرى (مثل الاعترافات الحديثة لفرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا) يحمل شحنة سياسية كبيرة: يضغط على إسرائيل وإعادة ضبط الموازين الدبلوماسية. لكنه أيضا قد يؤدي إلى توترات وإجراءات انتقامية دبلوماسية وسياسية من أطراف تعارض هذا الاتجاه. هذا ما تبين من ردود إسرائيلية غاضبة حسب تقارير سبتمبر 2025.
اعترافات من هذا النوع يمكن أن تستخدم لتجديد عملية سياسية تحت سقف «حل الدولتين»، لكنها لا تلغي الحاجة إلى مفاوضات بشأن الحدود، القدس، اللاجئين، والأمن. في كثير من الحالات، الاعتماد على اعتراف أحادي قد يزيد المسافة مع شريك تفاوض (إسرائيل) إذا رُئِيَ على أنه استبدال للتفاوض وليس تكملة له.
حماس والجناح المقابل لها قد يرفضان صيغا من الاعتراف تشترط على تنازلات سياسية، بينما القيادة الفلسطينية الرسمية تراه أداة لرفع سقف المطالب وتحسين الخيارات الدبلوماسية. هذا الانقسام يقلل من قدرة أي اعتراف خارجي على تحويل فلسطين إلى دولة فعلية موحدة.
الإعلان (1988) أعطى فلسطين شرعية سياسية واسعة على مستوى الاعتراف الثنائي، لكنه بقي إعلانا رمزيا لأن السيطرة على الأرض والمؤسسات كانت ناقصة.
أوسلو حول الصراع إلى مفاوضات مؤسسية وأنشأ هياكل حكمية جزئية؛ لكنه لم يكمل مسار الدولة، بل شرعن واقعا مقسما (مناطق A/B/C). هذا الواقع العملي بقي أكبر عائق أمام قيام دولة ذات سيادة كاملة.
التحرك الدولي في 2012 وما بعده (المنح في الأمم المتحدة، الانضمام إلى معاهدات دولية، واعترافات ثنائية) عزز الوضع القانوني والدبلوماسي لفلسطين، لكنه لم يغير بالضرورة واقع الاحتلال والسيطرة على الأرض دون اتفاق نهائي.
موجات الاعتراف في 2025 من دول غربية كبرى تشكل مرحلة جديدة: من شأنها تغيير توازن القوة الدبلوماسي لصالح مطلب قيام دولة، لكنها قد تزيد الاحتقان السياسي والدبلوماسي على المدى القصير. أهميتها تكمن في كونها تلحق دولا كانت تاريخيا مترددة أو محايدة، مما يعطي دفعا رمزيا وسياسيا كبيرا للقيادة الفلسطينية.
اعتراف دولي واسع يزيد من الخيارات القانونية والسياسية (مقاضاة أمام محاكم دولية، التمثيل في مؤسسات دولية، وتعزيز الدعم الدولي لمطالب دولة ذات سيادة).
لكن قيام الدولة الفعلي يتطلب (أ) توافقا فلسطينيا داخليا على صيغة الحكم، (ب) ترتيبات أمنية وقانونية مقبولة لإسرائيل (أمر لم ينجح حتى الآن)، و(ج) حلا لقضايا جوهرية (القدس، الحدود، اللاجئون). نجاح الاعترافات في توليد دولة قابلة للحياة يعتمد على إدارة هذه العناصر معا، لا على الاعتراف وحده.
الخطوات الفلسطينية لإعلان الدولة تراوحت بين إعلان رمزي (1988)، بناء مؤسسات من خلال تفاوض (أوسلو)، والسعي لاكتساب شرعية دولية عبر الأمم المتحدة والاعترافات الثنائية. الاعترافات الدولية - لا سيما موجات 2012 و2025 - عززت المكانة الدولية لفلسطين لكنها لم تحل محل الحاجة لعملية تفاوضية شاملة أو لحل الانقسام الفلسطيني أو لإنهاء عناصر الاحتلال الفعلية على الأرض. الاعتراف الدولي هو أداة مهمة، لكنه ليس بالضرورة كافيا وحده لولادة دولة فلسطينية قابلة للحياة ذات سيادة.
MBNwaiser@
0 تعليق