مباشر- تتسابق كبرى شركات التكنولوجيا العالمية لضخ استثمارات ضخمة تقدر بمليارات الدولارات في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، تلبية للطلب المتزايد على قوة الحوسبة الفائقة. وتجري شركة "أمازون" حالياً محادثات متقدمة للاستثمار في شركة "OpenAI"، المطورة لبرنامج "ChatGPT"، في صفقة قد تمنح الشركة الناشئة تقييماً يتجاوز 500 مليار دولار.

وتعكس هذه التحركات رغبة عمالقة التقنية في بناء أنظمة ذكاء اصطناعي تضاهي القدرات البشرية، حيث تدرس أمازون استثمار نحو 10 مليارات دولار لتأمين مكانتها في هذا السباق المحموم، رغم أن المفاوضات لا تزال تتسم بالسرية والحساسية العالية.

وفي خطوة غير مسبوقة لصناعة المحتوى، تعتزم شركة "والت ديزني" استثمار مليار دولار في "OpenAI" للسماح باستخدام شخصياتها الشهيرة مثل أبطال "ستار وورز" و"مارفل" و"بيكسار" في مولد الفيديو الذكي "سورا". ومن المتوقع أن تبدأ هذه الشراكة في إنتاج فيديوهات تضم شخصيات أيقونية مثل "ميكي ماوس" و"موفاسا" مطلع العام المقبل، مما يفتح آفاقاً جديدة للإبداع في هوليوود. وبالتوازي مع ذلك، تعزز "OpenAI" تحالفاتها التقنية بصفقات توريد رقائق ومعالجات مع شركات "برودكوم" و"AMD" لتأمين احتياجاتها المتزايدة من الأجهزة المتطورة.

تبرز شركة "إنفيديا" كلاعب محوري في هذا المشهد، حيث تستعد لاستثمار ما يصل إلى 100 مليار دولار في "OpenAI" لتزويدها برقائق مراكز البيانات، في حين وقعت شركة "أوراكل" واحدة من أكبر صفقات الحوسبة السحابية على الإطلاق بقيمة 300 مليار دولار مع "OpenAI" لتمتد على مدار خمس سنوات. وتتوج هذه الجهود بمشروع "ستارجيت"، وهو مشروع مشترك بين "سوفت بنك" و"أوبن إيه آي" و"أوراكل" لبناء مراكز بيانات ضخمة. وقد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن هذا المشروع في يناير، مؤكداً أن الشركات ستستثمر ما يصل إلى 500 مليار دولار لتمويل البنية التحتية الحيوية للذكاء الاصطناعي.

على صعيد آخر، لا تزال شركة "ميتا" تعزز قدراتها من خلال صفقات حوسبة سحابية بمليارات الدولارات، منها اتفاقية بقيمة 14 مليار دولار مع "CoreWeave" وأخرى مرتقبة مع "أوراكل" بقيمة 20 مليار دولار. كما أبرمت "جوجل" صفقة مماثلة مع "ميتا" بقيمة 10 مليارات دولار، واستحوذت الأخيرة على حصة 49% في شركة "Scale AI" مقابل 14.3 مليار دولار. وتعكس هذه الاستثمارات الكثيفة سعي الشركات لتأمين الوصول الأسرع إلى قوة الحوسبة اللازمة لتدريب النماذج اللغوية الكبيرة وتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

تواصل شركة "جوجل" توسيع نفوذها الميداني باستثمار 40 مليار دولار في ثلاثة مراكز بيانات جديدة بولاية تكساس حتى عام 2027، لتعزيز شبكتها العالمية التي تضم 42 منطقة سحابية. وفي سياق متصل، أعلنت شركة "تيسلا" عن صفقة بقيمة 16.5 مليار دولار مع "سامسونج" لتوريد الرقائق، حيث أكد إيلون ماسك أن مصنع سامسونج الجديد في تكساس سيصنع رقائق الجيل القادم للسيارات الكهربائية. كما دخلت "مايكروسوفت" و"إنفيديا" في تحالف استثماري ضخم لدعم شركة "أنثروبيك" المنافسة لـ "OpenAI"، مع تعهد الأخيرة باستثمار 30 مليار دولار لتشغيل أحمال عملها على سحابة مايكروسوفت.

وتشهد سوق الرقائق تحولات هيكلية، حيث حصلت شركة "إنتل" المتعثرة على ضخ رأس مال بقيمة ملياري دولار من مجموعة "سوفت بنك" اليابانية، ما يجعل الأخيرة ضمن أكبر 10 مساهمين في الشركة الأمريكية. كما قامت مجموعة مستثمرين تضم "بلاك روك" و"مايكروسوفت" بشراء شركة "ألايند داتا سنترز" في صفقة بلغت قيمتها 40 مليار دولار، مما يؤكد أن الاستثمار في البنية التحتية الفيزيائية للذكاء الاصطناعي أصبح لا يقل أهمية عن تطوير البرمجيات نفسها، في ظل تحول الاقتصاد العالمي نحو الرقمنة الشاملة والذكاء الفائق.