نحن في زمن المهارات... مع الشهادة

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
نحن في زمن المهارات... مع الشهادة, اليوم الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 01:15 صباحاً

في هذا الزمن الذي تتسارع فيه التحولات، لم تعد الشهادة وحدها جواز عبور كما كانت بالأمس. أصبح العالم اليوم أكثر انحيازا لمن يمتلك القدرة على الفعل، لا لمن يكتفي بإعلان المعرفة. نحن في زمن تغير فيه ميزان القوة: من "ماذا درست؟" إلى "ماذا تتقن؟" ومن "ماذا تحمل من أوراق؟" إلى "ماذا تستطيع أن تصنع؟".

لسنا ضد الشهادة، بل ضد الجمود الذي يحولها إلى سقف لا نجرؤ على تجاوزه. فالشهادة في حقيقتها "بداية"، إطار معرفي يمنحك لغة الدخول إلى المجال، أما المهارة فهي "القدرة" التي تمنحك البقاء والتميز والاستمرار.

الشهادة تخبر الآخرين أنك مررت بالتعلم، لكن المهارة تظهر أنك قادر على تحويل العلم إلى ممارسة، والفكرة إلى قيمة، والإمكان إلى أثر.

المهارة هي نبض الإنسان في سوق يتغير كل يوم. هي بصمتك التي لا يشبهها أحد، وطريقتك الخاصة في تحويل المعرفة إلى إنجاز. هي قدرتك على التفكير، التحليل، التفاوض، الإبداع، حل المشكلات... وهي قبل ذلك كله انضباطك في تطوير نفسك دون انتظار من يدفعك، وشجاعتك في التجربة دون خوف من التعثر.

لقد أصبح التميز المهاري هو اللغة التي يفهمها سوق العمل، بل أصبح معيارا حاسما في المؤسسات التي تسعى إلى استباق المستقبل. فالمؤسسة الآن لا تبحث عن موظف يحمل شهادة فحسب، بل عن عقل مستعد للتطور، وروح تعرف كيف تتعلم، وشخص قادر على تحويل كل تجربة إلى قيمة مضافة.

ولأننا نعيش زمنا يقدر الكفاءة بقدر تقديره للمعرفة، فإن الشهادة والمهارة لم تعودا في صراع، بل في شراكة. الشهادة بوابة، والمهارة طريق، والرحلة لا تكتمل إلا بهما معا. ومن يكتفي بالشهادة دون مهارة، كمن يحمل خريطة قديمة ويحاول بها الوصول إلى مدينة تغيرت طرقها وحدودها. ومن يمتلك المهارة دون شهادة، قد يضيع على نفسه فرصا تستحقها قدراته.

إن سر النجاح في هذا العصر يكمن في مواءمة الاثنين:
أن تتعلم لتعرف، وتتقن لتتقدم، وتطور نفسك لتبقى جزءا من المستقبل. ولعل أجمل ما في المهارة أنها لا تمنح... بل تكتسب. لا تعطى... بل تصنع. وهي جزء أصيل من مسؤولية الإنسان تجاه نفسه وتجاه رسالته في الحياة.

في زمن المهارات، أنت مشروع مستمر للتعلم. أنت حكاية تصنعها بيديك، ومسار مهني تبنيه بوعي، وذات تعرف أن قيمتها الحقيقية ليست فيما تحمله من أوراق، بل فيما تصنعه من أثر.

وهنا... يصبح السؤال الأهم ليس:
ما شهادتك؟
بل: ما الذي تتقنه... وكيف تترجمه إلى قيمة؟
فهذا هو مفتاح المستقبل، وبوصلة التمكين، وسر أولئك الذين يصنعون الفرق.

hananabid10@

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق