«من الجينوم إلى الأمن الدوائي».. التقنية الحيوية تقود رؤية المملكة نحو مستقبل مستدام

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
«من الجينوم إلى الأمن الدوائي».. التقنية الحيوية تقود رؤية المملكة نحو مستقبل مستدام, اليوم الخميس 17 يوليو 2025 07:10 صباحاً


يمثل الدواء الدقيق نقلة نوعية في علاج الأمراض الوراثية النادرة، فيما بات تشخيص الأمراض يستند إلى البنية الجينية بدلا من الأعراض الظاهرة، في تحولٍ تقوده التقنية الحيوية، ذلك الحقل العلمي الذي يوظف الكائنات الحية وخصائصها الجزيئية لتحسين صحة الإنسان، وجودة الحياة، واستدامة الموارد.

التقنية الحيوية ليست رفاهية علمية، بل ركيزة للسيادة الصحية، والأمن الدوائي، ولهذا السبب، وضعت المملكة التقنية الحيوية ضمن أولوياتها الاستراتيجية، حين أطلق الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - حفظه الله - في 13 رجب 1445هـ/ 25 يناير 2024، الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية، كخارطة طريق شاملة لتحويل المملكة إلى مركز عالمي في هذا القطاع الحيوي بحلول 2040.

وجاءت مشاركة المملكة في مؤتمر «BIO» الدولي للتقنية الحيوية 2025 - المقام في مدينة بوسطن الأمريكية -، الحدث الأكبر عالميا في مجال التقنية الحيوية، ضمن أعمال جناح الوفد السعودي المتكامل بقيادة وزارة الصحة، وبمشاركة 25 جهة.

ويعد هذا التمثيل الوطني موحدا لمنظومة التقنية الحيوية السعودية، ويجسد انطلاقة جديدة للمملكة على الساحة العالمية، بصفتها مركزا ناشئا ومؤثرا في هذا المجال، تماشيا مع مستهدفات رؤية 2030 والاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية.

ويمثل الاستثمار السعودي في التقنية الحيوية رؤية صحية شاملة تضع الإنسان في مركزها؛ إذ تفتح هذه التقنيات المتقدمة آفاقا دقيقة لتشخيص الأمراض، وتطوير علاجات مخصصة ترتكز على البصمة الجينية لكل فرد، بما يمهد لعصر جديد في الطب الشخصي.

ويعد مرض السرطان من أبرز التحديات الصحية التي تسهم التقنية الحيوية في مواجهتها، من خلال الكشف المبكر، وفهم الطفرات الجينية المسببة، وتصميم أدوية وعلاجات مناعية تستهدف الخلايا السرطانية دون المساس بالخلايا السليمة، مما يحسن فرص الشفاء، ويقلل من الآثار الجانبية، كما تلعب هذه التقنيات دورا محوريا في الوقاية من الأمراض غير المعدية، والحد من انتشارها قبل أن تتفاقم، إضافة إلى تعزيز الأمن الغذائي عبر تطوير بذور محسنة مقاومة للآفات والمناخ، وتوفير مياه أكثر نقاء وسلامة، بما ينعكس إيجابا على الصحة العامة وجودة الحياة.

وتركز الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية على 4 توجهات استراتيجية، وهي: توطين صناعة اللقاحات، والتصنيع الحيوي للأدوية، وأبحاث الجينوم والعلاج الجيني، وتحسين الزراعة عبر التقنية الحيوية، ويحمل كل واحد من هذه المجالات أثرا ملموسا على صحة الإنسان واقتصاد الدولة واستدامة الحياة.

وفي جانب التوظيف وتمكين الكفاءات، تبرز الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية التزام المملكة بتعزيز القدرات البشرية الوطنية، حيث تهدف إلى توفير أكثر من 11 ألف وظيفة نوعية بحلول 2030، وترتفع إلى 55 ألف وظيفة بحلول 2040.

ويأتي هذا التوجه انسجاما مع رؤية المملكة 2030 نحو تنويع الاقتصاد، وتوطين القطاعات الحيوية، وتمكين الكفاءات الوطنية من الانخراط في وظائف نوعية متقدمة، مما يسهم في بناء اقتصاد وطني قائم على الابتكار والمعرفة، ويعزز تنافسية المملكة إقليميا ودوليا.

وتولت وزارة الصحة زمام هذه التحولات، من خلال المنظومة الصحية المتكاملة التي شاركت في مؤتمر BIO، شملت: مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية (كاكست)، والهيئة العامة للغذاء والدواء، وهيئة التخصصات الصحية، إضافة إلى هيئة الصحة العامة (وقاية)، والشؤون الصحية بوزارة الحرس الوطني ومركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية (كيمارك)، وجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية (كاساو).

وعرضت تجارب المملكة في أبحاث الجينوم، والذكاء الاصطناعي الصحي، وتطوير العلاجات الجينية، وتوطين صناعة اللقاحات، كما شهد الحدث إطلاق «مسرعة وزارة الصحة لشركات التقنية الحيوية» بالتعاون مع «BioLabs»، في خطوة تؤسس لجيل جديد من الشركات الوطنية الناشئة القادرة على تقديم حلول صحية نوعية للعالم.

وبينما تواصل المملكة خطواتها الطموحة نحو الريادة في قطاع التقنية الحيوية، فإن ما تقدمه اليوم لا يرتبط فقط بالإنجازات العلمية أو الاستثمارات الاقتصادية، بل هو التزام أخلاقي ورؤية إنسانية تسعى لحماية الحياة، وتحسين جودة المعيشة، وتحقيق التوازن بين التقدم التقني واحتياجات الإنسان.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق