نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
القيادات القبلية الافتراضية, اليوم الاثنين 22 سبتمبر 2025 04:09 صباحاً
هي بمثابة إطار عمل يوفر حلولا راسخة ومجربة للعديد من المشكلات التي قد تنشأ داخل المجتمع، فبدلا من أن يعتمد كل فرد على رأيه الشخصي يتم الرجوع إلى قواعد وأعراف متفق عليها ضمن نطاق الأسرة أو القبيلة.
يؤدي هذا النهج إلى توحيد الرؤى، فعندما تتخذ مجموعة من الأفراد قرارا موحدا بناء على مرجعية مشتركة، فإن ذلك يمنع حدوث الخلافات والانقسامات التي قد تنشأ من اختلاف وجهات النظر، وتعزز المرجعيات القبلية والأسرية الشعور بالانتماء والتضامن بين أفراد المجتمع، مما يجعلهم أكثر قدرة على مواجهة التحديات الاجتماعية معا، وغالبا ما تكون هذه المرجعيات مبنية على قيم أخلاقية ومبادئ راسخة تضمن التعامل مع القضايا بحيادية وبعيدا عن المصالح الشخصية.
ورغم أهميتها تواجه المرجعيات الأسرية والقبلية تحديات معاصرة مثل تغير القيم الاجتماعية وتأثير العولمة، مما يجعل بعض الحلول التقليدية غير كافية لمواجهة ذلك، مما يوجب على هذه المرجعيات أن تكون مرنة وقابلة للتطور، وأن تدمج بين الأصالة والمعاصرة لكي تبقى فعالة ومؤثرة.
دمج الحكمة التقليدية مع المعرفة الحديثة يمكن أن يخلق نهجا متوازنا يضمن حل المشكلات بفعالية مع الحفاظ على التماسك الاجتماعي والقيم المشتركة.
ساهمت وسائل التواصل في إحداث خلل كبير في المنظومة القبلية والأسرية التقليدية، وذلك بظهور ما يمكن تسميته بـ(القيادات الافتراضية) وهذه الظاهرة التي تعتمد على ارتفاع الصوت والتحدث في كل شيء أدت إلى تآكل سلطة القيادات التقليدية، مما يهدد بتفكك النسيج الاجتماعي.
وظهور هذه القيادات الافتراضية كان بسبب غياب المعايير الحقيقية للقيادة، فبعد أن كانت معايير القيادة القبلية والأسرية تقوم على أسس راسخة مثل الحكمة والخبرة وحسن التدبير والتاريخ العائلي أو القبلي، أصبح بالإمكان لأي شخص أن يصبح (قائدا افتراضيا) بمجرد امتلاكه لحساب ومتابعين في وسائل التواصل ومقدرة على الكلام والاسترسال، وبغض النظر عن مؤهلاته أو أخلاقه وتاريخه، مما يخلق نوعا من الفوضى والسطحية!!
هذا النهج أدى إلى العبث بالهرمية القبلية والأسرية، فبعد أن كان الشباب يرجعون إلى الكبير والكبير يرجع إلى من هو أكبر منه، وهكذا في الأمور الهامة عبثت وسائل التواصل الاجتماعي بهذه الهرمية وأتاحت الفرصة للجميع بغض النظر عن العمر أو الخبرة أو التاريخ والإمكانات للتعبير عن آرائهم في كل صغيرة وكبيرة ما أضعف دور المرجعيات التقليدية!!
عندما تحولت القيادة إلى الافتراضية ونتيجة نقص الخبرة وأحيانا نقص الحكمة والتجربة والإمكانات الذاتية، أصبح هناك تغذية للصراعات من خلال هذه المنصات، وبدلا عن احتواء الخلافات وحلها أصبحت مسرحا لتبادل الاتهامات ونشر الشائعات وإثارة الفتن بين أبناء القبيلة أو العائلة الواحدة، ثم أدخلتنا في صناعة (الخلاف) للحصول على الشهرة والتفاعل، فبدأ الصراع يأخذ منحى الإثارة من خلال حسابات وهمية أو استخدام حساباتهم الشخصية لإثارة الجدل والنقاشات الساخنة حول قضايا قبلية أو أسرية حتى لو كانت تافهة، بهدف زيادة التفاعل، وهذه السلوكيات تزيد من حدة التوتر وتؤدي إلى انقسام داخل المجموعة!!
أدى هذا النوع من القيادة الافتراضية إلى إضعاف القيم الأصيلة مثل احترام الكبير والتكافل الاجتماعي وحل النزاعات بشكل سري وودي، فالإثارة ركن أساسي لتواجد هذه القيادات، نتيجة لذلك لم يعد للشيوخ وكبار السن التأثير نفسه الذي كان لهم سابقا، حيث أصبح الشباب يستقون معلوماتهم وآراءهم من مصادر افتراضية، مما يقلل من دور الحكمة والخبرة في توجيه المجتمع.
عندما تدار النزاعات علنا على شبكات التواصل بدلا من التواصل المباشر وحل المشاكل وجها لوجه من الطبيعي أن تترك آثارا سلبية يصعب محوها، والمحصلة لذلك التفكك الأسري والقبلي. يقول النبي صلى الله عليه وسلم (البركة مع أكابركم).
0 تعليق