بيروت ـ داود رمال
مع انطلاق الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، برز الحضور اللبناني من خلال مشاركة رئيس الجمهورية العماد جوزف عون الذي ترأس وفد لبنان الرسمي وألقى كلمة حددت المخاطر وأشارت إلى الحلول.
واتخذ الحضور الرئاسي اللبناني طابعا ديبلوماسيا نشطا حمل معه رسائل واضحة تتعلق بالثوابت اللبنانية وبالمطالب الملحة التي تسعى بيروت إلى تثبيتها على الساحة الدولية. فالديبلوماسية الرئاسية التي مارسها عون على هامش الاجتماعات عكست إدراكا لخطورة المرحلة التي تمر بها البلاد، وخصوصا في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي المفتوح على لبنان واستمرار عمليات القتل والتدمير وارتكاب المجازر، وما يرتبط بها من استحقاقات سياسية وأمنية واقتصادية.
في هذا السياق، قال مصدر ديبلوماسي لـ «الأنباء» ان اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، شكل محطة محورية في حركة الاتصالات. ففي الجلسة التي عقدت بينهما في حضور الموفد الأميركي توماس باراك ونائبته مورغان أورتاغوس، حمل عون إلى محاوره الأميركي لائحة مطالب تتصدرها مسألة إلزام إسرائيل بتنفيذ إعلان وقف الأعمال العدائية الموقع في 27 نوفمبر 2024.
وأكد الرئيس عون لضيفه انه لم يشهد أي خرق من الجانب اللبناني، فيما واصلت إسرائيل احتلالها لنقاط حدودية واحتجازها لأسرى لبنانيين، ما يجعل التزامها موضع شك. وانطلاقا من هذه الوقائع، شدد رئيس الجمهورية على أن تطبيق القرار 1701 بكامل مندرجاته هو المدخل الأساسي إلى تثبيت الاستقرار في الجنوب، وفتح الطريق أمام أي نقاش جدي في شأن الأمن الإقليمي.
وأضاف المصدر «الموقف اللبناني لم يتوقف عند الجانب الأمني فقط. فقد حمل عون إلى واشنطن، عبر لقائه بوزير الخارجية الأميركي، مطالب واضحة تتعلق بدعم الجيش اللبناني بالعتاد والتجهيزات اللازمة ليقوم بمهامه على كامل الأراضي اللبنانية، وهذا مطلب يعكس إصرار الدولة اللبنانية على تعزيز قدرات المؤسسة العسكرية كونها ضمانة داخلية أولى لمواجهة التحديات. كما ان ربط عون هذه المطالب بالحاجة إلى دفع مسار السلام العادل والشامل في المنطقة، يعني بما لا يدع مجالا للتأويل أو الارتجال، بأن أي استقرار لن يتحقق إلا بتوافر رؤية سياسية شاملة تنهي الصراعات المتراكمة وتفتح الباب أمام التنمية».
وأشار المصدر إلى ان رئيس الجمهورية وفي كل لقاءاته، لاسيما مع وزير الخارجية الاميركي طرح ملف إعادة الإعمار في لبنان، وان دعوته الولايات المتحدة إلى دعم الجهود المبذولة لانعقاد مؤتمر دولي مخصص لهذه الغاية، هو مطلب يعكس الأولوية التي توليها الدولة لإعادة بناء البنية التحتية المتضررة بفعل الحرب والأزمة الاقتصادية. وفي المقابل، جاء رد الوزير روبيو ليؤكد استمرار الدعم الأميركي للبنان، مشيدا بالجهود التي تبذلها الرئاسة والحكومة في سبيل استعادة العافية وتجاوز الظروف الصعبة، ما اعتبر إشارة إيجابية لكنها لاتزال في إطار المواقف العامة بانتظار ترجمة عملية على الأرض.
وأكد المصدر ان «الديبلوماسية الرئاسية التي خاضها الرئيس عون في نيويورك، تبدو جزءا من الجهد الدؤوب لتثبيت موقع لبنان في معادلة إقليمية معقدة، حيث تتقاطع الضغوط الإسرائيلية مع حسابات القوى الكبرى. فإصراره على إلزام إسرائيل بالاتفاقات والقرارات الدولية يعكس تمسكا بالشرعية الدولية كمرجعية وحيدة، فيما مطالبته بالدعم العسكري والاقتصادي تترجم حاجة داخلية ملحة لحماية الاستقرار وإعادة بناء الدولة».
لذا، فإن ما حمله عون إلى الأمم المتحدة يتجاوز البعد الظرفي للمفاوضات إلى وضع خريطة طريق ديبلوماسية لبقاء لبنان على الخارطة الدولية، شريكا لا متلقيا فقط.
0 تعليق